بعد 30 عاما من الإبعاد.. ما أهمية تسوية مظالم موظفي جنوب اليمن؟

بعد 30 عاما من الإبعاد.. ما أهمية تسوية مظالم موظفي جنوب اليمن؟

سماء الوطن :

بدأت الحكومة اليمنية، المرحلة الأولى من الإجراءات التنفيذية لتسوية مظالم عشرات الآلاف من الموظفين الجنوبيين المسرّحين، من خلال صرف المستحقات المالية لأكثر من 34 ألف عسكري وأمني، أحيلوا إلى التقاعد القسري، عقب حرب العام 1994.

وتأتي هذه المعالجات، وفق قرارات رئيس مجلس القيادة الرئاسي،  رشاد العليمي، منتصف العام الماضي، التي نصّت على إعادة أكثر من 30 ألفاً من العسكريين والأمنيين الجنوبيين إلى الخدمة العامة، وتسوية أوضاعهم بالترقية أو الإحالة للتقاعد، إضافة لإعادة أكثر من 16 ألفاً من المبعدين عن الوظائف المدنية ومعالجة قضاياهم، ضمن "آليات قانونية مرجعية لتحقيق العدالة والإنصاف، كمدخل هام لمعالجة آثار الماضي، وتعزيز الاستقرار، والسلم الاجتماعي".

 نواة المطالب الجنوبية

وعلى مدى العقود الماضية، شكّلت مطالب الموظفين المبعدين عن أعمالهم، نواة لـ"" الذي تأسس في العام 2007، لقيادة احتجاجات شعبية تطالب بتصحيح مسار الوحدة اليمنية.

وقال المتحدث باسم "القوات المسلحة الجنوبية" المقدم محمد النقيب، لـ"إرم نيوز"، إن الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي، شكّل في العام 2013 لجنة رئاسية لمعالجة أوضاع المسرحين قسرًا من قوات الجيش والأمن، "عملت خلال الفترة الماضية بدأب متواصل، وأصدرت حزمًا من التوصيات المتعلقة باستحقاقات المسرحين، ولكنها واجهت الإهمال، وظلت قراراتها حبيسة في أدراج التجاهل".

وأشار إلى جهود كبيرة بُذلت لاحقًا من قبل عضوي مجلس القيادة الرئاسي، عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، وعبدالرحمن المحرمي، نائبه في رئاسة الانتقالي الجنوبي، "في متابعة هذا الملف بشكل مستمر، حتى انتزاع استحقاقات المسرّحين قسرا وصدور قرارات التعزيز المالي واعتمادها ضمن الموازنة العامة".

منجز أخلاقي

من جهته، وصف رئيس مجلس التنسيق الأعلى للمسرّحين قسرًا، العميد عبده المعطري، قرارات التسوية بـ"المنجز الأخلاقي والإنساني والقانوني، رغم تأخر صدورها لسنوات طويلة".

وأكد المعطري في حديثه لـ"إرم نيوز"، استمرار جهود المتابعة والتواصل مع اللجنة الرئاسية "حتى تنتهي معاناتنا جذريًا، واستكمال التسوية لغير المشمولين بالقرارات الأخيرة ومعالجة قضية من سقطت أسماؤهم، إضافة إلى القضايا الأخرى المتعلقة بالتعويضات وجبر الضرر".

وأضاف أن العمل جار فيما يتعلق بملف الموظفين الجنوبيين المبعدين من أعمالهم قسرًا، البالغة أعدادهم نحو 16 ألف موظف مدني، وقال إن "وزارة الخدمة المدنية تعمل حاليًا على استكمال إصدار فتاويهم قريبا".

وتواصلت احتجاجات العسكريين والأمنيين المبعدين قسرا، حتى الاثنين الماضي، من خلال وقفة احتجاجية أمام وزارة المالية في عدن، في ظل شح السيولة النقدية، قبل أن تنفرج الأمور بعد يومين، وتنطلق عمليات صرف المستحقات المالية البالغة أكثر من 9 مليارات ريال يمني، عبر أحد البنوك التجارية.

فداحة المظالم

ويرى رئيس الهيئة العسكرية العليا للجيش والأمن الجنوبي، اللواء، علي صالح زنقل، أن تأخر إجراءات التسوية وجبر الضرر كل هذه الأعوام "جعلها لا تفي بشيء، قياسًا بحجم فداحة المظالم والحرمان من جميع الحقوق المكتسبة والمحتسبة وفقًا للدستور والأنظمة والقوانين".

وقال في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن منتسبي القوات المسلحة والقوات الأمنية، تعرضوا عقب الوحدة اليمنية إلى "ممارسات غير قانونية وغير أخلاقية، تمثّلت في الاغتيال الجسدي الذي أودى بحياة الكثير منهم، والاغتيال المعنوي عبر إحالة الآلاف منهم إلى التقاعد المبكر خلافًا لشروط الإحالة، وكذلك الإبعاد والتسريح القسري عن الوظيفة، وحرمانهم من جميع مستحقاتهم القانونية من ترقيات وعلاوات، ما تسبب في تحويل حياتهم إلى معيشة الكفاف، وعرّضهم لمختلف الأمراض التي أخذت أرواح الكثير".

وأشار زنقل إلى أهمية إعادة النظر في إجراءات جبر الضرر "واعتماد جميع المستحقات لفترة الإبعاد والتسريح كاملة، وأن يتم دفعها بأثر رجعي، مع تعويض على الآثار السلبية الجمّة التي تعرض لها المبعدون".

معالجات فورية

في المقابل، يقول رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد" المحلية، فتحي بن لزرق، في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن المعالجات الحكومية خطوة إيجابية، تسهم في حل أحد الملفات الشائكة التي أرهقت اليمن خلال العقود الأخيرة، وأدت إلى تفجّر الكثير من المظالم التي تحوّلت لاحقا إلى مشاكل أسقطت الدولة.

وبيّن أن استعادة اليمن لن تتم إلا من خلال معالجة كثير من القضايا التي تأتي من بينها مظالم المبعدين الأمنيين والعسكريين في المحافظات الجنوبية.

ويعتقد بن لزرق، أن هذا الإجراء الحكومي يمكن أن يسدّ طريق استغلال مثل هذه القضية الحقوقية، "خصوصًا أنها استُغلت خلال السنوات الماضية بشكل كبير سلبي من قبل بعض الأطراف السياسية".

وأضاف أنه يجب على الدولة حل جميع المظالم الأخرى في مختلف المناطق اليمنية، في وقتها وعلى نحو عاجل، دون أي تأخير يستمر لسنوات طويلة، لأن بقاء القضايا معلّقة لعقود، يمكن أن ينتج مشاكل أعمق وأكثر تعقيدًا.

إرم نيوز