بذكرى انتهاء حرب الخليج الأولى.. كيف تعاملت معها دول مجلس التعاون؟

سماء الوطن: عبدالله حاتم: عن موقع "الخليج أون لاين"
نشبت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران من سبتمبر 1980 حتى 8 أغسطس 1988، أي قبل 35 عاماً، انتهت بلا انتصار لطرفي الصراع، وقبولهما لوقف إطلاق النار دون شروط.
أطلقت عليها الحكومة العراقية آنذاك اسم "قادسية صدام"، في حين عُرفت في إيران باسم "الدفاع المقدس"، هي أولى الحروب في منطقة الخليج العربي، والأطول في القرن العشرين.
نشبت "حرب الخليج الأولى" بين العراق وإيران من سبتمبر 1980 حتى 8 أغسطس 1988، أي قبل 35 عاماً، وانتهت بلا انتصار لطرفي الصراع، وقبولهما لوقف إطلاق النار دون شروط.
خلّفت الحرب نحو مليون قتيل، وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار، وفق التقديرات، لتكون واحدة من أكثر الصراعات العسكرية دموية حتى اليوم، وغيرت الكثير من التوازنات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط لا تزال قائمة حتى اليوم. فكيف تعاملت دول الخليج العربية مع تداعياتها المؤلمة طيلة سنواتها الثماني؟
سبب الحرب
أراد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين أن يسيطر على ضفتي شط العرب الذي جرى تقاسم السيطرة عليه بموجب اتفاقية الجزائر بين البلدين عام 1975، كما كان قلقاً من محاولات الزعيم الإيراني روح الله الخميني تصدير الثورة من بلاده إلى الخارج عبر تحريض الغالبية الشيعية في العراق عام 1979.
استغل العراق حالة الفوضى والضعف التي كانت لا تزال تمر بها إيران في أعقاب الإطاحة بحكم الشاه قبل نحو عام من الحرب، وكذلك حالة العزلة الدولية التي كانت تعيشها السلطة الإيرانية الجديدة، خاصة في أعقاب احتلال السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز عشرات الرهائن فيها.
بدأت الحرب في 22 سبتمبر 1980 عندما غزت القوات العراقية غرب إيران على طول الحدود المشتركة بين البلدين، في حين قالت الرواية العراقية إن الحرب بدأت في الرابع من سبتمبر عندما قصفت إيران عدداً من النقاط الحدودية، واستمرت في كر وفر دامٍ حتى القبول بوقف إطلاق النار غير المشروط يوم 8 أغسطس 1988.
جهود سياسية
كانت الحرب في عامها الأول عند تأسيس مجلس التعاون الخليجي في العام 1981، حيث كانت الأولى على جدول أعماله منذ القمة الأولى له في أبوظبي حينها.
وحينها انحازت الدول العربية، باستثناء الجزائر وليبيا وسوريا، للعراق، فاستفاد من دعم من دول الخليج لتغطية كلفة الحرب الباهظة وإنقاذ اقتصاده، فقد بلغ المجهود الحربي والتسليحي العراقي أحياناً أكثر من ثلاثة مليارات دولار سنوياً؛ ما أرهق كاهل الميزانية العراقية.
أما بالنسبة للفاعلين الدوليين فظل دورهم هامشياً إلى حدود 1986، وشرعت إيران خلال الحرب في استهداف ناقلات النفط الكويتية، تدخلت على إثر ذلك الولايات المتحدة لنشر سفن حربية في الخليج لمرافقة الناقلات الكويتية.
وتشير التقديرات حينها إلى أن تأسيس مجلس التعاون الخليجي كان لضمان أمن واستقرار دوله، في ظل الحرب الدامية وتداعياتها الخطيرة.
ووظفت دول المجلس إمكاناتها السياسية لإيجاد مخرج من تلك الحرب الدموية التي تسببت في خسائر بشرية ومادية للطرفين وزعزعة الأمن الإقليمي، ساهمت الجهود السياسية لدول المجلس في تسليط الضوء على الحرب وضرورة إنهائها.
وأثمرت تلك الجهود صدور قرار مجلس الأمن رقم 540 في أكتوبر 1983، الذي دعا إلى وقف العمليات العسكرية في الخليج وعدم التعرض للسفن والمنشآت الاقتصادية والموانئ .
ثم صدر قرار مجلس الأمن رقم 552، في يونيو 1984، استجابة لشكوى قدمتها دول المجلس ضد الاعتداءات على السفن التجارية من وإلى موانئ المملكة العربية السعودية والكويت، حيث أكد القرار حق حرية الملاحة في المياه الدولية والطرق البحرية من وإلى موانئ ومنشآت الدول الساحلية التي ليست طرفاً في الأعمال الحربية.
كما كان لدول المجلس دورها الفاعل في استصدار قرار مجلس الأمن رقم 598 في يوليو 1987، الذي أدى قبوله لاحقاً من الطرفين إلى وضع نهاية لتلك الحرب الدموية التي يصفها كثيرون بغير المبررة.
مفاوضات سرية أنهت الحرب
وكانت السعودية، بوصفها الدولة الكبرى في الخليج، أكثر الأطراف الخليجية فاعلية لوقف الحرب بين البلدين، إذ تنقل وسائل إعلام سعودية قول العاهل السعودي الراحل، الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود، للرئيس العراقي الراحل صدام حسين: "إنك تملك قرار بدء الحرب، لكنك لا تملك قرار إنهائها".
كما نصح الملك فهد الرئيس صدام قائلاً: "هنالك مشكلات في إيران، واختلافات داخلية، وإذا قمت بالحرب فسيكون ذلك في صالح إيران، حيث ستوحد جبهتها الداخلية أولاً، وستوحدهم ضدك ثانياً".
ويقول شاهد مطلع على كواليس الدور السعودي خلال الحرب، إن المملكة لم ترغب أن تكون طرفاً في الحرب، بل عملت على محاولة ثني العراق عن الدخول فيها، من خلال العلاقة التي تربط البلدين.
وأوضح لقناة "العربية" أن "تطور الأحداث في الحرب، وبروز خطاب إيراني توسعي روج فيه الخميني إلى تصدير الثورة لدول الجوار، وظهرت بعض المواقف والتصريحات التصعيدية سياسياً والأعمال الأمنية والاستخباراتية، وسعى الإيرانيون للتدخل في شؤون دول الخليج العربي، ومحاولة إثارة المشكلات في هذه الدول، وحينها وجدت المملكة نفسها في موقف دفاعي عن أمنها الوطني وعن استقرار الدولة".
ويشدد المصدر على أنه "رغم ذلك، سعت السعودية خلال سنوات الحرب إلى العمل على وقفها، وهذا ما حصل، حيث رعت المملكة مفاوضات سرية بين العراق وإيران، تمت في منزل الراحل الأمير سلطان بن عبد العزيز آل سعود في مدينة جنيف السويسرية".
وأشار إلى أن "المفاوضات جرت بمشاركة وفدين عراقي وإيراني، برعاية سعودية، وتكتم شديد، ومحاولة لتقريب وجهات النظر، وحضرها وزير الخارجية الإيراني علي أكبر ولايتي، ووزير الخارجية العراقي طارق عزيز، قبل أن يتم الإعلان لاحقاً في الأمم المتحدة عن موافقة الجانبين على قرار وقف إطلاق النار، وكان ذلك بمواكبة من الأمين العام السابق للأمم المتحدة خافيير بيريز دي كويلار".
وشمل قرار وقف إطلاق النار، الذي وصفه الخميني في مثل هذا اليوم قبل 35 عاماً بـ"كأس السم"، الانسحاب إلى الحدود الدولية، وتبادل الأسرى، وعقد مفاوضات السلام، وإعمار البلدين بمساعدة دولية.
ما هو رد فعلك؟







التعليقات (0)
تعليقات الفيسبوك